ملخص كتاب فلسفة التاريخ الإسلامي، من الخلافة إلى النظام العالمي لمؤلفة عماد بكر
أولا: بيانات الكتاب
الكتاب: "فلسفة التاريخ الإسلامي.. من
الخلافة إلى النظام العالمي"
المؤلف: عماد بكر، باحث في العلوم الإسلامية
الناشر: بورصة الكتاب (www.book-bourse.com)
تاريخ النشر: 2016 "الطبعة الثانية"
مكان النشر: القاهرة
الصفحات:
128 صفحة (قطع متوسط)
ثانيا: عرض الكتاب
في كتابه "فلسفة التاريخ الإسلامي.. من
الخلافة إلى النظام العالمي"، يكشف الباحث عماد بكر عن "العقدة
التاريخية" للمسلمين، أو ما يسميه عقدة "الجزر المنعزلة" التي أوقفت
نمو وتقدم العالم الإسلامي وجعلت منه، حسب تعبير المؤلف، "جثة هامدة"
ليس لها فعل في التاريخ، بل مجرد موضوع للفعل التاريخي، بعد أن تحولت العقيدة إلى
"علم كلام"، وأصبح "علم الفعل" في يد السياسة وحدها، ومن ثم
جرى فقدان الشرعية السياسية تماما، وسادت فكرة "السلطان المتغلب" الذي
يستطيع باستخدام قوة السلاح إخماد أي معارضة له، ثم جرى تصدير هذا الفكر للمجتمع
على شكل عنف واستبعاد للآخر وتكفير له على مدى قرون من الزمان استمرت حتى عصرنا
الراهن.
وفلسفة التاريخ، بالمعنى العام، من حيث هي نظرة
شمولية إلى التاريخ في حاضره وماضيه ومستقبله، تحتاج إلى إعطاء معنى للتأريخ
والنظر إليه نظرة كلية نسبياً. ولا جدال أن الوعي بالتاريخ من أبواب صناعة
التاريخ، الذي اختلط أحيانا بالإضافات والأساطير والتحريف، وقلّ استخراج العبر منه
ومن القوانين التي تحكمه، مما أدى إلى تكرار نفس الأخطاء والممارسات، وغلب على
صناعته الأشخاص من أولي العزم الشديد الذين اهتموا بحشد عواطف الجماهير دون
الاهتمام بالجانب الأخلاقي والإنساني في بناء وعي العامة.
بهذا المعنى الشمولي، يناقش هذا الكتاب، صغير
الحجم كبير القيمة، حالة الفكر الإسلامي وتطوره منذ نشأة الإسلام حتى يومنا هذا،
ويقدم طرحا جديدا أساسه أن العالم الإسلامي مازال يعيش ويتخبط في "عصور
الظلام"، وأنه - وفق المؤلف- بحاجة ملحة للانتقال إلى العصر الحديث، من خلال
خطاب ديني جديد تماما يرجع إلى الأصول ويتجنب الأخطاء التاريخية.
ويتضمن "الخطاب الديني الجديد" الذي
يدعو إليه المؤلف، ربط الدين بالسلوك، وتوحيد الشريعة والقانون في سياق دستور
وقانون ملزم لجميع المواطنين، وتوحيد الزكاة والضريبة في إطار دولة تحترم المواطنة
ولا تحاسب المواطنين على الكفر ولا تكافئهم على الإيمان، ثم ربط الدين بالدولة في
نسق متكامل يحل إشكالية التناقض بين الدين والسياسية.
بدأت بذور "العقدة التاريخية"، حسب
الكاتب، في وقت مبكر من تاريخ الإسلام، وأطلق المؤرخون عليها اسم
"الفتنة"، وكانت هذه الفتنة في الأساس هي صراع على السلطة، وانقسم الناس
فيها إلى ثلاث مجموعات: مجموعة اعتزلت كل الصراعات، أي بقيت على الحياد، أما
المجموعتان الباقيتان فكانت واحدة منهما نصيرا لأحد طرفي الفتنة "علي"
و"معاوية".
ويضيف الكاتب إلى ذلك فتنة "خلق
القرآن" التي بدأها الخليفة العباسي "المأمون" عام 212 هـ، وكانت برأيه الحدث الأكبر أثرا في التاريخ الإسلامي، معتبرا
أن الناتج السياسي من هذه الفتنة كان "تكريس الديكتاتورية" وسيادة الرأي
الواحد وعدم قبول الآخر، بل إنه يمكن افتراض وجود تصور سياسي عند العباسيين بتصفية
المجتمع المدني، بالتعبير المستحدث، في ذلك العصر، الذي كان الخليفة يراه - أي ذلك
المجتمع المدني - تقويضا لسلطانه المطلق.
وبخلاف
الرأي السائد أن فتنة خلق القرآن كانت من أخطاء المعتزلة، وأنهم دفعوا ثمن هذا
الخطأ (...) يرى الباحث أن الأمر أكبر من ذلك بكثير، فبحساب النتيجة السياسية لهذه
الفتنة التي استغرقت قرابة نصف قرن، نرى أن التأثير السلبي لها لم يشمل المعتزلة
فقط، بل تعداهم وطال أهل الحديث بالقدر نفسه، فلم نرى أو نسمع شيئا عن نقد المتن
عندهم" بعد هذه الفتنة.
وعلى الرغم من القيود الشديدة على الحرية وعلى
الفكر في عهد الخلفاء العباسيين، وتحول العقيدة إلى "مجرد كلام" لا
يتبعه أي تطبيق عملي، ورغم توقف السنة النبوية عند حدود الرواية فحسب، وخضوع
الفقهاء لسياسة "الترغيب والترهيب" من قبل السلطة الحاكمة، فإن هذه
المرحلة تعد - في رأي الكاتب- هي الأفضل في التاريخ الإسلامي منذ ظهور الإسلام
وحتى يومنا هذا، حيث ما زلنا نطلق عليها مسمى "العهد الذهبي"، فالأسوأ
سيبدأ عند رأس السنة المائة الثالثة الهجرية، حين افتتح "المأمون" فتنة
خلق القرآن التي تعد الفتنة الأكثر تأثيرا بعد فتنة الحروب الأهلية بين "علي
ومعاوية"، سالفة الذكر.
ويعتبر المؤلف أن "عقدتنا التاريخية"
هذه قد تبلورت خلال مدة زمنية تصل إلى نصف قرن من الزمان، ويفترض أن المحرك الأول
لها كان سياسيا من أعلى قمة الهرم، لكن التنفيذ تم على يد المجتمع المدني بطرفيه
في ذلك الوقت، وهما المعتزلة وأهل الحديث، وترتبت على ذلك تأثيرات سلبية تكونت
داخل الأفراد ومازالت تعمل بكامل طاقتها حتى يومنا هذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق