صدر الكتاب في
طبعته الأولى سنة 2002 عن دار الفيصل الثقافية بالرياض، ويقع في حوالي 300 صفحة من
القطع الكبير.
تمثل قضية الألوهية القاسم المشترك بين الدين والفلسفة
والفكر الديني، فهي الأصل الأول من أصول الدين، والركن الأول من أركان الإيمان،
وهي أول الأسئلة الثلاثة مدار البحث الفلسفي: (ما الله؟ ما العالم؟ ما الإنسان؟)،
كما أنها جوهر الاستبصارات الفكرية التي أثمرتها التأملات العقلية للنص الديني
وعمل العقل فيه؛ ولهذا كانت أغنى المجالات البحثية وأكثرها خصوبة ومركزية وأهمية
للبحث والدرس القديم والمعاصر على حد سواء.
وتعد الهند بخصوصيتها الحضارية والفكرية مثالا جيدا يجسد
ثراء العطاء وتنوعه في مجال الميتافيزيقيا بما توافر لها من ديانات موغلة في
القدم، ودرس فلسفي عريق، وفكر ديني ثرٍّ بالمذاهب والاتجاهت.
مما يجعل من تناول مبحث الألوهية في فكر الهند الديني
ضرورة علمية وفكرية استلزمتها –إلى جانب ذلك- بواعث عدة، منها:
1.
قلة البحوث الحديثة في هذا المجال.
2.
اضطراب الآراء والتصورات حول أكثر جوانب الموضوع.
3.
قصور المعرفة العميقة بالفكر الديني الهندي بسبب غياب
مصاردة الأصيلة، والدراسات الجادة حوله التي لم يترجم أكثرها إلا مؤخرا.
4.
غموض الرؤية الميتافيزيقية الهندية حول الألوهية، ذلك
الغموض الذي جعلها مشكلة خلفت فوضى تأليهية تباينت مساراتها، وتذبذبت نزعاتها بين
الإلحاد والغلو في التجريد المفضي إلى العدم والمغالاة في التعددية الوثنية.
ولم تكن فاعلية تلك البواعث قاصرة على الحث والتوجيه إلى
هذه الدراسة، بل إنها حددت –إلى حد كبير- طبيعة منهج البحث الملائم لها والأنسب
لتبديد غموض مشكلة التأليه في الفكر الديني الهندي.
فجاء المنهج تحليليا نقديا مقارنا يستهدف فصل جزئيات
مشكلة التأليه المتشابكة، واستخلاص العناصر المؤثرة في بنيتها، والأسباب الفاعلة
في نشأتها، والنتائج التي ترتبت عليها من معوقات لحركة الفكر الهندي، أو انحرافات
في مساراته، أو أنسنة كاملة لنسق التأليه في الفكر الديني الهندي باتت معها معالجة
الموضوع حتمية من جهة الفاعلية الهندية (التأليه)، لا من جهة الذات الإلهية؛ لأن
المشكلة في التأليه ونسقه وليست في الألوهية.
كذلك جاءت طريقة التناول تبعا لطبيعة المشكلة، فجاء الكتاب في مقامات ثلاثة تضمنتها مباحث ثلاثة
مرتبة وفق القدم التاريخي لموضوعها، فتناول الأول مشكلة التأليه في الهندوسية في ثلاث مطالب مبينا في المطلب الأول صعوبات
البحث فيها، وفي المطلب الثاني أسباب الاختلاف حول مذاهبها، وبين المطلب الثالث
النزاعات الأربع التي سلكها نسق التأليه الهندوسي: التجريد، والتجسيد، وتعدد
الآلهة، ووحدة الوجود.
وتصدى الثاني لإشكالية التأليه لدى المفكرين الأحرار،
فعرض لتيار الإلحاد المنكر للألوهية، وبين موقف بوذا وماهافيرا من الألوهية
ونسقهما الخاص في التأليه.
أما الثالث فكشف النقاب عن حقيقة التأليه في البوذية
والجينية بعد بوذا وماهافيرا.
والله من وراء القصد،
دكتور عبد الراضي محمد عبد المحسن رضوان
الأستاذ الدكتور عبد الراضي رضوان، وكيل كلية دار العلوم جامعة القاهرة ونائب رئيس مجلس إدارة مركز البحوث والدراسات الإسلامية بكلية دار العلوم ، صاحب أول دكتوراة في مجال علم مقارنة الأديان في جامعة القاهرة، وأول متخصص في ترجمة القرآن الكريم للغة الألمانية بين دارسي الفلسفة والعلوم الإسلامية بجامعة القاهرة، من أهم كتبه: الأخلاق بين النظرية والتطبيق، نزهة الحفاظ للحافظ أبي موسى المديني (تحقيق ودراسة)، نبي الإسلام بين الحقيقة والادعاء، الغارة على القرآن الكريم، المعتقدات الدينية لدى الغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق