الاثنين، يوليو 10، 2017

محمد شحاتة يكتب: ملخص كتاب مفهوم الأسطورة في القرآن الكريم للدكتور محمد شامة


صدر الكتاب سنة 2014 عن مكتبة وهبة، ويقع في حوالي ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير، وقدم له الأستاذ الدكتور بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين السابق بالقاهرة وتلميذ المؤلف بمقدمة جاء فيها : "إن هذا الكتاب-مفهوم الأسطورة في القرآن الكريم- باعث للعقل، محرك للفكر، مقوِّ للحجة، خارج عن التقليد والاتباع، مؤدٍّ إلى التجديد والإبداع"
 ويركز الكتاب على أن القرآن الكريم يختلف عن أديان القدماء الوضعية والسماوية من حيث كونه ليس كتابا تاريخيا فيه تأريخ لحوادث ما سبق من الزمن ولا تسجيل لأخبار من سبق من الأنبياء والصالحين وإنما هو في المقام الأول كتاب هداية، يبين للناس فيه العقائد الصحيحة ومبادئ السلوك الطيب، والنظم الاجتماعية التي ينبغي على المجتمعات تطبيقها، كي يستقيم أمرها، وينصلح حالها وتعيش في أمن وأمان. ولهذا لا توجد قصة كاملة في القرآن الكريم بل يوجد فقط الجانب الذي يتطلبه المقام.
ويحاول الكتاب الإجابة على سؤال طالما شغل بال كثير من المفكريين والفلاسفة وهو إلى أي مدى تعبر الأمثال التي ضربها القرآن عن حقيقة لها وجود أم أنها تحمل في طياتها معان سامية ومبادئ عليا يجب على المؤمنين الالتزام بها؟ ولا تعدو الإجابة كونها أن معاني هذه الأمثال لا يدركها إلا المفكرون والفلاسفة ولذلك فقد جاءت صياغتها بأسلوب يفهم من ظاهره عامة الناس أنها صورة أشبه بالأسطورة منها بالحقيقة، وهذا أمر يراه الكاتب ضروري وأساسي في كل الأديان والسبب في ذلك حتى لا ينصرف معظم شرائح المجتمع عن الدين لأنهم لم يفهموا نصوصه المقدسة، فالعامة ينسجون الأساطير حول هذه النصوص، من أمثال وقصص، والمفكرون يستنبطون منها القيم العليا التي تقود المجتمع إلى الرقي والتقدم وهذا ما انفردت به قصص وأمثال القرآن الكريم عن الكتب المقدسة السابقة إذ أنها في الأديان الأخرى لا تحمل إلا الجانب الأسطوري.
ولكن لماذا جاءت القصص والأمثال في القرآن الكريم حاملة المعنيين الأسطوري والعقلي؟
يقول الكاتب ردا على هذا السؤال مايلي: "لأن المستوى الثقافي في أي مجتمع إنساني متدرج، من أبسطه إلى أعلاه، ومن المشاهد أن أغلبية أفراد المجتمع تميل إلى المحسوس، فلو جاء النص القرآني يخاطب العقل فقط، لانصرف عنه معظم الناس، فكان لابد أن يراعي هذا الجانب كي يجذب إليه هذه الجموع، ثم يضمنه المعاني السامية التي يستسيغها المفكرون والفلاسفة. فأسلوب القرآن يفهمه البدائي في كهفة وبيداءه ومغاراته، كما يدرك أسراره العالم في حلقاته العلمية ومدرجاته الدراسية".

هذا وقد قام الكاتب بعرض عدة نماذج من قصص القرآن الكريم وأمثاله التي نسج العامة ومتوسطو الثقافة حولها أساطير لا يقبلها العقل ولا يستسيغها العصر؛ فبين ما فيها من معان سامية وقيم عليا تقود المجتمعات الإنسانية إلى ما فيه صلاحها وفلاحها، ومن هذه القصص: قصة الخضر، وآدم وحواء، ودور حواء في ارتكاب الخطيئة، والشيطان، والسحر، وموقف الإسلام من السحر والسحرة، وهاروت وماروت، وذو القرنين، وأصحاب الأخدود، وبقرة بني إسرائيل، ونبأ الخصم، والنملة والهدهد، وتسخير الريح والجن، ومنسأة سليمان.
وعلى سبيل المثال في قصة منسأة سليمان يقول الكاتب: "إن قراءة هذا التصور-بقاء سليمان متكئا على عصاه لمدة سنة ميتاً- تثير عدة أسئلة منها: ألم يعلم أحد في قصرة- وهم يعدون بالعشرات إن لم يكن بالمئات- بموته؟ ألم يقدم أحد له طعامه، أم أنه صام سنة كاملة؟، ألم تفتقده زوجاته، وعددهن كما جاء في التوراة ثلاثمائة، علاوة على سبعمائة من الإماء؟، من كان يدير شئون الدولة في هذه السنة؟، ألم يفتقده وزراؤه ومساعدوه فيسألون عنه؟، من الذي كان يقابل سفراء الدول؟ وأخيرا، ألم تتحلل جثته وقد مكثت مدة تتحلل فيها أجسام الموتى؟
كل هذه أسئلة توضح أن مسألة مكوثة ميتا فوق عصاه سنة كاملة ليست إلا أسطورة وخرافة، لا يصدقها العقل ولا يقرها الواقع، وقد يقبلها العوام ويستسيغونها إلا أن الفلاسفة والمفكرون قد يذهبون إلى فهم جديد ومعنى مختلف فيرون أن تآكل عصا سليمان ما هو إلا انهيار مملكته وضعفها بعد أن نخر فيها الفساد وأصابها سهم الإهمال فأرداها.
وعلى كل فقد اعترف الكاتب أن النص القرآني يحمل من الأسرار ما خفي عن السابقين ومازال يحمل الكثير من الأسرار والمعاني التي لا نستطيع الوصول إليها، وربما تستطيع الأجيال القادمة كشف أسرارها، فهو كنز مليء بأسرار يكشف جيل تلو آخر ما تمكنه ثقافته من كشفها، ولن ينضب معينها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وبعد،
فكتاب مفهوم الأسطورة في القرآن وإن كان عنوانه صادما إلا أنه جدير بالقراءة لما فيه من فكر وعلم وتجديد.



هناك تعليق واحد:

  1. كيف نجد الكتاب ارشدونا جزاكم الله خيرا لي حاجة ماسة له

    ردحذف