يا تونس الخضراء جئتك عاشقا
وعلى جبيني وردة وكتاب
أنا المصريُّ الذي احترف
الهوى
فاخضوضرت بغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي
إن الهوى ألا يكون
إيـــــــــاب[1]
هبطت طائرتنا المصرية على أرض مطار تونس قرطاج بعد أن قطعت
مسافة 2088 كيلو مترا على ارتفاع سبعة آلاف قدم في مدة لم تتجاوز الثلاث ساعات.
أنهينا إجراءات الدخول سريعا ثم وقفنا ننتظر الحقائب، كانت هناك فتاة توزع خطوط
تليفونات مجانية تابعة لشركة "أورانج" التونسية، لا تحتاج منا سوى جواز
السفر، أعطيتها جواز سفري فالتقطت له صورة ثم أعطتني خطا به القدر الأدنى من
الرصيد. أخذنا حقائبنا وتوجهنا صوب باب الخروج، وعند الباب رأينا رجلا يحمل لافتة
مكتوب عليها اسمى! لم أصدق، فلست بهذه الأهمية، اقتربت منه، قلت له هذا اسمي،
فأجاب:
-
اذن لتركب معي!
-
لست وحدي، نحن أربعة!
-
السيارة التى معي لا يمكنها حمل أكثر من اثنين بحقائبهما.
نظرت إلى الأساتذة
الزملاء وكانوا ثلاثة: دكتور سامح اسماعيل، ودكتور سعيد فارس، ودكتور عيد، فسألتهم
ماذا نفعل؟
قال أحدهم لنتصل بمنظمي
المؤتمر، ولم يكن معنا رصيد يكفي للاتصال، لذا ذهبنا إلى مكتب "أورانج"
لنشحن بطاقاتنا، وشحنت بخمسة دنانير، و كان أول ما فعلته هو أن أرسلت رسالة إلى
صديقي التونسي "محمد رباح" أعلمه بنبأ وصولي إلى تونس!
كتب الدكتور عيد رسالة
إلى منظمي المؤتمر يخبرهم بما حدث ويطلب تفسيرا، وجاءه الرد بأن خطأ ما قد حدث،
وعليه أن يتصرف ولو بتاكسي إلى الفندق. حاولنا أن نركب نحن الأربعة فلم نتمكن؛
فالكرسي المتحرك للدكتور سامح لم يكن له أن يدخل شنطة السيارة، والحل الوحيد هو أن
نضعه في المقعد الخلفي، وبالكاد يمكن أن يجلس أحدنا بجواره. وبعد بضعة دقائق من
النقاش من يركب ومن لا يركب، قرر الدكتور سعيد فارس والدكتور عيد البحث عن تاكسي. وبينما
نحن- الدكتور سامح وأنا- نستعد للانطلاق
اذ بصديقي "محمد رباح" يتصل بي ويسأل عن مكاني، أخبرته أنني وصلت من توي
ولم أزل في مطار تونس.
محمد رباح شاب أربعيني،
تونسي الجنسية، مصري الشكل والطباع، عرفته في القاهرة قبل عامين، جمعنا كورس دارسة
نظمتة الهيئة الألمانية للتبادل العلمي، ما أن علم بوصولي تونس حتى جاء مسرعا
ليستقبلنى في المطار، تعانقنا طويلا، ولم يفك عناقنا سوى تذمر السائق من طول
الانتظار. توادعنا على أمل اللقاء في تونس العاصمة بعد أن أنتهي من مؤتمري في
سوسة.
قطعنا طريقا بطول 140
كيلو متر إلى سوسة في ساعتين؛ فالسائق ملتزم بالسير على مائة كيلو متر في الساعة
وإلا سيدفع غرافة تقدر ب 40 دينارا، كان
ودودا وطيبا، وكان أول سؤال وجهه إلينا ليفتح باب الحديث: زملكاوي أم أهلاوي؟
كانت لا تزال أصداء هزيمة
الزمالك أمام النجم الساحلي موجوة ومستمرة بقوة في وسائل الإعلام المختلفة،
التونسية منها والمصرية، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي في كلا البلدين، ولمستها
بقوة هنا على ألسنة التونسيين؛ إذ ما من مرة ألتقي بها مع تونسي حتي يسألني
زملكاوي أم أهلاوي؟ وكان جوابي على الدوام: أنا أشجع عبد الحليم حافظ!
[1] هذه الأبيات مطلع لقصيدة
بائية قالها نزار قباني في افتتاح مقر جامعة الدول العربية بتونس عام 1979، وقد
أبدلت كلمة الدمشقي بالمصري لتناسب المقام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق