الثلاثاء، يوليو 24، 2012

من يومياتي في ألمانيا ( برلين 5)


التقط لي فريدرش صورا عديدة حرصت على أن تكون خلفيتها هي بوابة براندنبورج ولم أكن وحدي الذي آثر أن تلتقط له الصور بجوار هذه البوابة؛ فقد كانت هناك مجموعات يابانية وأخرى كورية، قد أداروا ظهورهم للبوابة كي تلتقط لهم الصور ملوحين بأصابعهم السبابة والوسطي.

واصلنا السير حتى وجدنا أنفسنا في ميدان كبير، سألت فريديريش ما هذا؟ فقال لي إنه ميدان ألكسندر. قلت له وهل جاء الإسكندر المقدوني إلى ألمانيا؟ قال لي لا لا، ليس نسبة إلى الإسكندر الأكبر ولكنه نسبة إلى القيصر الروسي ألكسندر الأول الذي زار برلين سنه 1805 فأطلق ملك برلين اسمه على هذا الميدان تكريما لزيارته. وميدان ألكسندر (بالألمانية:Alexanderplatz) هو ميدان كبير في وسط العاصمة الألمانية، وهو واحد من أهم المناطق التجارية وبه عدد من المطاعم والمباني الحديثة التى تعكس التطور الكبير لألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية.
من هذا الميدان يمكنك رؤية كاتدرائية كبيرة وضخمة قد تهدم جزء كبير من برجها، وقد بني بجوارها مبني ضخم من التراز الحديث، ولما سألت صديقي فريدرش عنها قال إنها كنيسة القيصر فويلهلم البروتستانتية والتذكارية والتي هي بمثابة رمزا للسلام والتصالح. وهي أيضا تجسد رغبة سكان برلين في إعادة بناء المدينة خلال فترة ما بعد الحرب.
واصل فريدريش حديثة عن كنيسة القيصر فويلهلم بقوله: لقد تم بناء الكنيسة الرومانية الجديدة التي تأسست بغرض تفخيم أول إمبراطور يوناني في الفترة ما بين 1891 على1895 وصممها فرانز شويشتن. وبعد تدمير الكنيسة في غارة تفجيرية عام 1943 وكذلك في عام 1956 ، كان هناك اتجاه لإزالة بقايا الكنيسة التي قامت كشاهد على فظائع الحرب حتى تفسح المجال لتشييد بناء جديد، إلا أن سكان برلين قد احتجوا بشدة على هذا الأمر، وأرادوا ضم بقايا الكنيسة مع البناء الجديد.

وبالفعل فقد استجاب المسئولون وتم تشييد البناء الحديث في الفترة ما بين 1959و1961 وصممه إيجون أيرمان. وتتكون الكنيسة من عدة طوابق تشبه في شكلها قرص عسل النحل بالإضافة إلى الواجهة الزجاجية. وهنا جذبني فريدرش من يدي وقال: لو مررت من هنا في المساء فستسحرك إضاءتها الزرقاوية. قلت له بالتأكيد سأحاول المرور من هنا في المساء.

لا أدري لماذا تذكرت قول المولى عز وجل على لسان بلقيس: «إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ».

جلسنا على شاطئ نهر شبريه ووقعت في يدي ورقة صغيرة بها معلومات عن أهم ما يميز مدينة برلين وسأذكر منها ما يلي:

•تبلغ مساحة برلين 892كيلومتر مربع، وهي تعادل مساحة العاصمة الفرنسية تسع مرات.


•تغلبت برلين على مدينة فينس بجسورها التي يبلغ عددها حوالي 1,700 جسرا.


•برج التلفزيون في برلين هو أطول مبنى في ألمانيا وفي أوروبا ويصل إلى 368 متر.


•ستة من أبرز رؤساء الولايات المتحدة قد ألقوا خطابات تاريخية في برلين منذ الحرب, ومن أبرز الخطابات: "أنا برليني" لجون كينيدي عام 1963 ورونالد ريغان عام1987يخاطب الرئيس السوفيتى "اهدم هذا الحائط سيد غورباتشوف " Mr Gorbachev – tear this wall down!"


•أول مجموعة اشارات للمرور أنشأت في شارع بوتسدام بلاتس في عام 1924 ولا تزال تثير الإعجاب حتى الآن.


•أصبحت برلين أول وأكبر مركز للسكك الحديدية في التاريخ بعد إنشاء المحطة المركزية الجديدة. "


•برلين هي من أكثر المدن المتعددة الثقافات حيث أن حاملين الجوازات الأجنبية هم أكثر من470,000 نسمة من 3.4مليون نسمة مواطنة. ويوجد مقيمين منذ فترات طويلة من أكثر من184 دولة.


• تأثرت لهجة برلين بالمسيحيون الفرنسيون في القرن السابع عشر فتبنت الكثير من الكلمات من الأصل الفرنسي مثل: "Budike" (حانة أو دكان)، "Boulette" (اللحم)، "ملفوفة" (شرائح اللحم الملفوفة) و"Destille" (حانة). كما أنها تأثرت بالعبرية أيضا عن طريق اليديشية وأخذت منها بعض التعبيرات مثل: "Ganove" المحتال و"Macke"الهوس.


•برلين تضم أربع جامعات، وأربع مدارس فنون، وعشرة كليات تقنية، وما يقارب 134,000 طالب من جميع أنحاء العالم، وحوالي 130 مرافق بحثية مما جعلها أكبر مدينة جامعية في ألمانيا. ثم إن فيها أكثر من 180 كيلومتر من الإنفاق المائية داخل حدود برلين مما يجعل اكتشافها أجمل عن طريق القوارب.


الحق يقال أنني لم أكن أعرف عن برلين سوى أنها عاصمة لدولة ألمانيا، ولما قررت السفر إليها بدأت تتكشف لي رويدا رويدا، وبعد قراءة هذه الورقة وما بها من حقائق عن برلين، أخذت تدب في جسدي قشعريرة، ثم أحسست بنشاط كبير على الرغم من أني لم أتناول أي فطور حتى هذ اللحظة، اللهم إلا قدحا من القهوة وأحسست أنني أود أن أرى برلين بأكملها قبل أن يحل المساء.

قلت لصاحبي هيا بنا فلا مجال للجلوس فقال: مهلا مهلا، فلن تستطيع أن ترى كل شئ في يوم واحد. فقلت له: "ما لا يدرك كله لا يترك كله"، وانطلقنا.
وغدا نلتقي
محمد شحاتة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق