الأحد، فبراير 14، 2016

تونس الخضراء 52


صهاريج قرطاج.
أجاب صديقي رابح باقتضاب، ثم راح يحذرني من أن يعلق في ثوبي شيئا من الشوك، ولم يكن يشغلني الشوك بقدر ما شغلني معرفة ما وقعت عليه عيناي، ما معنى صهاريج يا رابح؟ تساءلت.
لم يرد رابح وانشغل بتفادي الشوك، وعندما وقفنا في مكان خلى منه الشوك قال: "هذه صهاريج رومانية قديمة، أى خزانات لمياه الأمطار، عددها خمسة عشر صهريجا، طول كل صهريج مائة متر، وعرضه وارتفاعه سبعة أمتار، وسعته التخزينية حوالى خمسين ألف لتر."
يا إلهي! متى بنيت هذه الصهاريج، ومن بناها، ولماذا، وكيف؟!
ولأن صديقي رابح خبير بالشؤون الهندسية، وقد جاء إلى هذا المكان مرارا وتكرارا، وربما قد سؤل نفس الأسئلة من قبل، فقد رأيته يأخذ نفسا عميقا راح بعده يسرد على مسامعي القصة من بدايتها حيث قال:
"يقول المؤرخون إن الرومان بعد أن خربوا قرطاج، عانوا على مدار خمسة أعوام من جفاف مدمر، استنفذوا فيها كل المياه التي جمعوها في خزاناتهم الحجرية. وفي تلك الفترة زار الإمبراطور الروماني الشهير أدريان قرطاج، فأمطرت السماء مطرا شديدا، فخاف  أن يضيع الماء سدى؛ فأمر ببناء ممرات وحنايا تسير فيها المياه حتى تصل إلى هذا المكان بطول 132 كيلو متر، ثم قام ببناء هذه الصهاريج"
كنت صامتا أنصت إلى رابح في اندهاش، والحق أن اندهاشي كان مضاعفا، فهو اندهاش مما فعله القدماء، و هو اندهاش من كمّ المعلومات التى يعرفها رابح، شكرا لك يا صديقي! ورأيت لوقع مديحي صداه، إذ واصل رابح حديثه منتشيا ومتسائلا: هل تدري ماذا قال الرحالة ابن أبي دينار عن تلك الحنايا والممرات؟!
-         ماذا قال؟

-         قال إن هذه الحنايا من زغوان إلى قرطاج تعد بمثابة أهرامات لتونس! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق