الأحد، مارس 06، 2016

تونس الخضراء 57


اليوم الأخير،
مرت الأيام على عجل، وها أنذا في اليوم الأخير، وها أنذا أسير وحدي في طرقات العاصمة، فأراها مكتظة بالسكان، مفعمة بالحركة والنشاط، هي أقرب للعواصم العربية منها إلى الأوروبية، فلا تنظيم للمرور بشكل كامل ودقيق، ولا أماكن مناسبة للمشاة أو الدراجات، على قوارع الطرقات وبالقرب من المصالح الحكومية يعرض الباعة الجائلون بضائعهم، وينادون عليها بأصوات مرتفعة كما هو الحال عندنا في مصر.
كان هدفي هو الوصول إلى محطة برشلونه، لماذا؟ لا أدري. ربما لأنها هي المكان الأول الذي وطئته قدمي عندما توقف القطار في محطته الأخيرة، يحن المرء دوما إلى أصله!
سألت كثيرا حتى وصلت، كنت فرحا بتحقيق الهدف، سعيدا برؤية المحطة في وضح النهار، حدثتني نفسي أن ألتقط معها صورة، أخرجت هاتفي وتهيأت لوضع السيلفي، ثم هممت بالضغط على الزر! كانت هذه هي الضغطة الأخطر منذ وصولي إلى تونس،
كنت كفأر وقع فجأة في مصيدة، التفّ حولي أربعة رجال، كل راح يسأل: ماذا تصور؟ ومن أنت؟ وهل أنت أجنبي؟ أين جواز سفرك؟ تعالى معنا.
إلى أين؟ ومن أنتم؟ ولماذا؟ وأسئلة أخرى لم يرد عليها أحد.
طلبت منهم أن يعاملوني بشئ من الاحترام، فرفعوا أيديهم عني وتركوني أسير بينهم في هدوء، وصلنا إلى مركز للشرطة مكتوب عليه "قسم شرطة شارل ديجول"، دخلنا ممرا طويلا مظلما إلى نهايته، ثم انحرفنا يمينا في حجرة صغيرة بها نافذة واحدة ضيقة، كانت علامات التوتر تلف المكان لفا، وكادت تخنقني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق