الجمعة، مارس 04، 2016

تونس الخضراء 56


امتدت بنا السهرة حتى اقترب ليل تونس من الانتصاف، وحتى خلى كورنيش المرسى من المارة. وكان صديقي منير قد انضم إلى جلستنا فزادها متعة، إلا إن الإرهاق كان قد أثقله، وكان علينا أن نعود.
في بيت منير كان أبوه لا يزال مستيقظا، سلمت عليه وتحدثنا قليلا، ثم ارتميت على السرير فلم أدري إلا ومنير يوقظني لصلاة الفجر، كانت صلاتنا هذه المرة في مسجد أعلى الهضبة، وكانت أضواء تونس العاصمة تتلألأ من تحتنا، أعشق الهدوء وأحب صوت زقزقة العصافير.
في التاسعة صباحا كنا قد خرجنا متجهين صوب السوق القديم، سوق المستعمل، كان منير يبحث عن أنتريه لشقته، وانضم إلينا صديقه الألماني كريستيان ليشتري هو الآخر طاولة يجلس عليها طلابه. كان السوق مزدحما، وكانت البضائع دون المستوى، ولم نشتري سوى طاولة وست كراس لكريستيان.
بعد السوق انطلقنا إلى ضفاف البحيرة، ذلك الحي الراقي الذي لا تباع فيه الخمور، وبطبيعة الحال فقد صلينا الظهر في مسجده الكبير، مسجد الملياردير السعودي الشيخ صالح كامل، وكانت علامات الثراء بادية على كل ركن من أركان المسجد، لماذا تنفق كل هذه الأموال على دور العبادة؟! ماذا لو أنفقهوها على التعليم أو الصحة، أو حتى أعطوها للفقراء؟
في هذا الحي كان منير يعطي دروس اللغة الألمانية، انتظرت معه حتى جاء صديقنا رابح ليعود بي إلى الماضي، حيث المدينة العتيقة، وجامع الزيتونه، أحقا سنزور جامع الزيتونه؟!
كدت أطير فرحا، وأرقص سعادة، ورأى رابح ذلك مني فزاد من سرعة السيارة، ورأت الشوارع فرحتي فأضحت خاليه، وحمدت الله أن رزقني بصاحب مثل رابح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق