ملخص كتاب الاجتهاد للإمام المراغي

أحمد العربي يكتب: ملخص كتاب (الاجتهاد) للإمام المراغي

مؤلف الكتاب هو الإمام الأكبر محمد مصطفى المراغى (1881-1945م)، المولود بقرية (مراغة) مركز "جرجا" محافظة سوهاج، وهو أحد أنجب تلاميذ الإمام محمد عبده. حصل الشيخ المراغى على الشهادة العالمية فى سن الرابعة والعشرين من عمره بتقدير "الدرجة الثانية" مثل أستاذه الإمام؛ وذلك لأن الطلاب السالكين طريق التجديد لم يكونوا يحظون بالرضا من شيوخ الأزهر فى ذلك الوقت. رشحه الإمام ليعمل قاضيا بالسودان، ثم أصبح قاض القضاة بها، إلى أن صار شيخا للأزهر. وقد كان الشيخ المراغي معروفا بشموخه كشيخه الإمام محمد عبده أمام الحكام والكبراء، لا يأبه أحدا، ولا يخشى من ذى سلطان.

افتتح الشيخ كتابه ببيان اختلاف السلف من العلماء فى الأصول والفروع، ولكن لأن صدورهم كانت مملوءة بالأدب الدينى ومكارم الأخلاق وروح الإسلام فى تقبل الآخر بدون تكفير وتجريح استطاعوا أن يحكموا الأمم ويقدموا كل هذه الآثار والأعمال التى لا ينكرها عاقل. ثم بيّن قواعد العلماء فى التكفير. ولعلك تجد عندها "أيها القارئ" تبسيطا رائعا ملخصا لأقوال العلماء فى فصل التفرقة بين الكفر والإيمان .. بعدها شرع الشيخ فى بيان مكانة الاجتهاد بين العلماء وحاجة الأمة الإسلامية إليه فى كل عصر من عصورها، مبينا أن الاجتهاد لا يتوقف لعدم توقف النوازل الجديدة ..

 وقد قسم الشيخ الاجتهاد إلى قسمين: اجتهاد مطلق واجتهاد خاص ثم بين شروط كلِ نوعٍ، مفصلا كل نوع على حدة. هذا وقد أسهب فى الحديث عن الإجتهاد الخاص لإختلاف العلماء على جوازه من عدمه ووضح بإيجاز العلماء الذين أجازوه أمثال الإمام الغزالى، وابن الهمام، وأورد أقوالهم فيه ...

بعد ذلك انتقل الشيخ المراغي إلى الحديث عن التقليد، وأراه فى هذا الباب ناقما على التقليد وعلى المقلدين من الذين لديهم القدرة على البحث والإجتهاد والرجوع إلى الأدلة. وقد بين الشيخ حكم تقليد أعيان الصحابة عند العلماء بالتفصيل، ثم بين عدم وجوب الوقوف فقط على آراء المذاهب الأربعة وطرح مبررا عقليا على ذلك تجلى عن نضوج عقله وفكره رحمه الله، ارجع إليه ان شئت ..

 ثم أنكر الشيخ بل ورفض بشدة (التقليد الأعمى) بغير دليل، مبينا -بإسهاب رائع- أن قواعد الأصول تأبى ذلك، ولقد حث الأئمة رحمهم الله على عدم اتباعهم بدون النظر والرجوع إلى الأدلة وتحكيم العقل فيها، وساق أقوال العلماء الماتعة فى ذم التقليد الأعمى وعدم تحكيم العقل والرجوع إلى الأدلة .. ومن ذلك قول الشافعي رحمة الله: "لا تقلدنى ولا تقلد مالكا ولا الثورى ولا الأوزاعى ولكن خذ العلم من حيث أخذوه ومن قلة فقه الرجل أن يقلد فى دينه الرجل".

 وكان الشافعى يقول دوما لتلاميذه: "إذا ذكرتُ لَكم مالمْ تقبلهٌ عقولكمْ فلا تقبلوهٌ فإنَ العقلَ مضطرُ إلى قبولِ الحقْ".  ثم انتقل الشيخ بعد ذلك إلى  بيان مصطلح القضاء فى الإسلام، مبينا أقوال العلماء فى حكم قضاء القاضى بغير مذهبه، وساق أدلة علماء الأصول وعلماء المذاهب ثم بيَن إذا كان يجوز للقاضى أن يحكم بالضعيف من مذهبه، أم لا؟ وما حكم فتواه إذا أفتى بغير مذهبه فى مسألة من المسائل؟ هل يسقط الحكم لكونه من المحتمل أن يكون قد اتبع الهوى؟ أم يسرى الحكم لكونه رأى المصلحة فى ذلك؟ ثم ما مقياس صدق قوله؟ ارجع إلى ذلك الباب من الكتاب تجد القول مفصلا.

وفي نهاية الكتاب قدم لنا الإمام بحثا فى الزمالة الإنسانية بين أهل الأديان، هذا البحث قدم إلى مؤتمرعالمى للأديان بلندن، و ألقاه نيابة عنه أخية الشيخ عبد العزيز المراغي، وقد بين الإمام حاجة جميع الأديان إلى هذه الزمالة والشراكة، موضحا أن الإسلام يدعو إلى ذلك الإئتلاف والوحدة بين الأديان، ويدعو كذلك إلى نبذ التفرق والشتات، كما قدم فى هذا البحث طرقا و سبلا رائعة لتحقيق هذه الزمالة على أرض الواقع ونبذ الحقد والضغائن بين معتنقى الأديان المختلفة.