الأحد، يوليو 20، 2014

الأخلاق في القرآن




سأبدأ بعون الله وتوفيقه في كتابة – متتالية، متوالية، متتابعة-  عن الأخلاق في القرآن الكريم، هذه المتوالية ستحاول التركيز على الأخلاق التى أشار إليها القرآن الكريم، أمراً ونهياً، إيجاباً وسلباً، إلزاما وندبا، وكيف تناولها المفسرون في تفسيراتهم، والكتاب في كتبهم! وسأحاول جاهدا إسقاط ذلك على أرض الواقع، توضيحاً وشرحاً، ثم تحليلاً ونقداً، أسأل الله العون وحسن الخلق!

(1)

يقول الأستاذ أحمد أمين في كتابة الرائع فجر الإسلام أن في القرآن من الأخلاق نوعان: نوع هو تعليم لآداب اللياقة مثل قوله تعالى في سورة النساء الآية 85: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" وقوله تعالى في سورة النور الآية27: "لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها"، ونوع آخر هو أسمى ما تدعو إليه الأخلاق: وفاء بالوعد، وصبر في الشدائد، وعدل مع من أحببت أو كرهت، وعفو عند المقدرة، وعفة من غير غلو، قال تعالى في سورة البقرة الآية177: " والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس" وفي سورة النحل الآية 90: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي" وكذلك في سورة الأعراف الآية 199: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين[1]
وقد عرّف أحمد أمين علم الأخلاق في  كتابه الجامع ذو الأسلوب السهل الممتنع والذي أسماه "الأخلاق"، أن علم الأخلاق هوعلم يوضح معنى الخير والشر، ويبين ما ينبغي أن يكون عليه معاملة الناس بعضهم بعضا، ويشرح الغاية التى ينبغى أن يقصدها الناس في أعمالهم، وينير السبيل لعمل ما ينبغى.[2]
ومن العجيب أن لفظة "خلق" التى هي مفرد أخلاق يختلف معناها إذا ما فتحت الخاء وسكنت اللام، عن معناها إذا ما ضمت الخاء وضمت اللام، فالخُلُق بالضم هو الصورة الباطنية للإنسان، ويقابله الخَلق بالفتح وهو الصورة الظاهرية له، وذلك لأن اٌلإنسان مركب من جسد يدركه البصر، ومن روح ونفس تدركها البصيرة، ولكل منهما هيئة وصورة قائمة به، فصورة الجسد ظاهرة وهي التى تسمى خَلقاً بفتح الخاء، وصورة النفس باطنة وهي التى تسمى خُلقاً بالضم.[3]
ومن المدهش أن كلمة خلق وردت بضم الخاء واللام في القرآن الكريم مرتين، مرة في مقام المدح  ومرة في وصف ما درج عليه الأولون من الأخلاق: قال تعالى في سورة القلم الآية رقم 4 ( وإنك لعلى خلق عظيم) يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي سورة الشعراء الآية رقم 137 ( إن هذا إلا خلق الأولين) يقصد أخلاق قوم عاد، وقد جاءت الآية الأولى معياراً لما ينبغى أن تكون عليه الأخلاق، بينما جاءت الآية الثانية بيانا لما كان عليه الأخلاق.[4]


[1] أمين، أحمد، فجر الإسلام، ص 117 ، بتصرف بسيط
[2]  أمين، احمد، الأخلاق، دار الكتب المصرية،1931، ط3: ص 2
[3]  دراسات في العقيدة الإسلامية والأخلاق تأليف لجنة من قسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، 1999 ، ط 1، ص :228 
[4]  قارن دكتور منصور رجب – تأملات في فلسفة الأخلاق، ط3، ص 304

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق