وبالعودة إلى أنواع
الأخلاق في القرآن، فإن لديَ ميل كبيرٌ، واستحسان بالغ إلى ما قام به الدكتورعبد
الله دراز من تقسيم، لما فيه من تفصيل وتنويع، فقد قسم الدكتور دراز الأخلاق في
القرآن إلى خمسة أقسام: فردية، وأسرية، واجتماعية، ودولية، ودينية ثم اختار لكل
قسم ما يناسبه من آيات قرآنية، رتبها ترتيبا موضوعيا لا علاقة له بترتيب سور
القرآن، فظهرت أفضل ما يكون، وبدت أوضح ما يرى، إلا أنه لم يعرِّج على ما اختارمن
آيات يشرحها، مكتفيا بوضع عناوين فرعية لها. وأود لو أكملت ما بدأه الدكتور دراز،
فأحاول الغوص في التفاسير القديمة والحديثة بحثا عن تفيسر هذه الآيات، والمراد
منها، ثم أقوم بإسقاط ما تشير إليه هذه الآيات وتفسيراتها على واقعنا الحالي، آملا
أن تساهم ولو بقدر ضئيل في عودة مجتمعنا إلى أخلاق هو الآن أبعد ما يكون عنها.
أولا: الأخلاق
الفردية
تحدث القرآن الكريم
كثيرا عن الفرد، الذي هو نواة المجتمع فأمره بأوامر، ونهاه عن نواهٍ، وأباح له
أمور، وحرم عليه أخرى؛ أمره بالتعليم، وطهارة النفس، والاستقامة ، والعفة ،
والاحتشام، وغض البصر، والتحكم في الأهواء، والامتناع عن الشهوات، وكظم الغيظ،
والصدق، والتواضع، والتحفظ في الأحكام، واجتناب سوء الظن، والصبر، والقدوة الحسنة،
والاعتدال، والتنافس، وحسن الاستماع، وحسن الاتباع، وإخلاص السرائر.. ثم نهاه عن
الانتحار، أو بتر عضو من أعضائه، أو تشويهه، ونهاه أيضا عن الكذب، والنفاق، والأفعال التى تناقض
الأقوال، والبخل، والإسراف، والرياء، والاختيال، والكبر، والعجب ، والتفاخر،
والتعلق بالدنيا، والحسد، والطمع، والزنا، وتعاطي الخمر والخبائث، ونهاه عن كل وسخ
أخلاقي أو مادي.. ثم أباح له التمتع بالطيبات، وأباح له مخالفة النواهي والمحرمات
فقط في حالات الاضطرار.[1]
كل هذه الأوامر والنواهي والمباحات وردت في
القرآن الكريم متناثرة في أكثر من (104) آية. سأحاول بإذن الله الاقتراب من بعضها
قدر الإمكان؛ فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق