الأربعاء، سبتمبر 09، 2015

ملخص رواية "المعلم الأول" لجنكيز إيتماتوف


طارق محمودي يكتب: ملخص رواية "المعلم الأول" لجنكيز إيتماتوف

تعد رواية المعلّم الأول واحدة من أرقى روايات الأدب الرّوسي الرّائع على الإطلاق.

يبدأ إيتماتوف روايته «المعلم الأول» بالحديث عن قريته«كوركوريو» التي تقع على سفوح إحدى الهضاب المطلة على السهل الكازاخي، إنها قصة شجرتين و فتاة عاشقة لمعلمها الأول، إن بداية الخيط الرئيسي في الرواية، هو افتتاح اهل القرية لمدرسة جديدة في القرية و لأنها مناسبة هامة فيجب دعوة المثقفين من أبنائها الذين تركوها إلى العاصمة و منهم الراوي و دكتورة اسمها "التيناي سليمانوفا" التي تركت القرية منذ زمن طويل و أخذتها مشاغلها العلمية و الأكاديمية فهي ترأس كرسيا في الجامعة و تلقي المحاضرات في الفلسفة و كثيرا ما تسافر إلى الخارج و انقطعت لذلك عن القرية و هاهي تعود إليها والقرويون يحتفون بابنة القرية التي برزت و تفوقت أيما احتفاء.ويمر خلال الاحتفال ذكر العجوز ديوجين الذي جاء صدفة حاملا برقيات للقرية، فتنتفض الدكتورة ألتيناي و تسأل مضيفها ـ الراوي ـ:(عن أي ديوجين يتحدثون؟فيجيبها انه العجوز ساعي البريد في في القرية يادكتورة ألتيناي سليمانوفا،أتعرفينه؟)...بدأ القلق والتوتر يظهران على ألتيناي،وتقرر العودة فجأة إلى موسكو بعد إن كانت قد وعدت أبناء قريتها بقضاء عدة أيام بينهم ورغم إلحاحهم عليها بالبقاء،لكنها لا تلبث بعد أيام أن ترسل رسالة إلى الراوي تخبره فيها بتفاصيل قصة ديوجين في حياتها ،تروي ألتيناي سيرة المعلم الأول ديوجين من خلال رسالتها إلى الكاتب، فتقول:

كان ذلك عام1924،ألتيناي في الرابعة عشرة تعيش في بيت عمها بعد وفاة أبيها وأمها،يعود فتى غريب يرتدي معطف جندي تعرف فيما بعد ان أباه رحل من القرية إلى السكة الحديد إبان المجاعة قبل سنين عديدة، وها هو ابنه ديوجين يعود الى القرية ليفتح فيها مدرسة، و لكم ان تتخيلوا صعوبة هذه المهمة النبيلة في قرية جبلية نائية لم يسمع أهلها بكلمة مدرسة او دراسة و اعتبروها خزعبلات من العجوز أبيه، و يجمع أهل القرية مع أطفالهم في الساحة ليعلمهم عن نيته ويطلب منهم مساعدته في تحويل الإسطبل القديم على الرابية العائد إلى أحد الإقطاعيين، فلا ينال منهم الا التهكم، فيرفض أهل القرية معاونته في تجهيز الإسطبل ليصبح مدرسة بل يتهكم أحدهم عليه قائلا: (لا معطف فرو عليك،ولا فرس تحتك، ولا قطعة ارض محروثة ولو بحجم راحة اليد، لا داجنة واحدة في الفناء، كيف ستعيش؟ هل ستسرق قطعان الآخرين؟ يبدأ ديوشين العمل بنفسه، كان بمعطفه الأسود يتسلق كل صباح الدرب الى الرابية حيث الإسطبل المهجور و لا يهبط الى القرية الا في ساعة متأخرة من المساء، (غالبا ما كنا نراه ـ تروي ألتيناي ـ يحمل حزمة كبيرة من العشب الجاف أو القش على ظهره.) وتتذكر التيناي ديوجين وهو يجمع أطفال القرية ليأخذهم إلى مدرسته التي أسس كل شيء بجهده وتعبه ورغم ممانعة زوجة عمها وتتذكر جدران المدرسة المتهالكة.وكان التلاميذ يقطعون في طريقهم إلى المدرسة نهيرا صخريا يتكفل ديوشين بمساعدتهم على قطعه ويحمل الأطفال الصغار حتى لا يجلد الماء القارس أقدامهم الغضة، أخيرا عملت التيناي مع معلمها ديوشين على بناء معبر فوق هذا النهير . وفيما يسافر المعلم إلى موسكو لشؤون حزبية فينقلب انتظار التيناي له إلى لهفة تزعج زوجة العم التي ترسلها إلى بيت قريب لهم يسكن عندهم ديوجين، وهناك تظهر العاطفة الجياشة للصبية التي تطرق أبواب النضوج تجاه معلمها.وما إن يأتي الربيع حتى تخطط زوجة عمها لتزويجها فيتدخل الأستاذ ويأويها عنده حتى لا تجبرها عائلتها على الزواج وهي بالكاد غادرت طفولتها، وهناك يقترح عليها لملء الفراغ أن تساعده في زرع شجرتي الحور اللتين أخذتا البروفسورة التيناي إلى رواية القصة بعد كل هذا الغياب. يأتي الخطيب مع عمها وزوجته لأخذ التيناي عنوة وينجحون في ذلك رغم مقاومة المعلم الذي ينال نصيبه من الضرب والأذى من هؤلاء، لكن ديوشين لا يترك تلميذته الأثيرة لأقدارها بل يستنجد بالميلشيا الحزبية ويأتي مع اثنين من رفاقه الى بيت الرجل الذي اخذ التيناي زوجة ثانية ليعيدها إلى مقاعد الدراسة لكن هذه المرة في مدينة كبيرة وعلى حساب الحزب، يقول ديوجين:
«لو كان الآمر بيدي يا التيناي لما سمحت لك بالابتعاد عني خطوة واحدة، ولكن ليس لي الحق في تعويقك، ينبغي ان تتعلمي وأنا لست على قدر كبير من المعرفة . . . لعلك ستصبحين معلمة حقيقية، واذذاك ستتذكرين مدرستنا و ربما ستضحكين لها.»

في الحرب تسأل التيناي ـ وقد صارت الدكتورة التيناي ـ عن ديوشين فتعرف انه التحق بالجبهة وجاء خبر عن فقدانه تقول التيناي: «كنت أقول لنفسي إن معلمي لن يعود وهكذا لم نلتق منذ اليوم المشهود الذي توادعنا فيه في المحطة» لكنها تلمح من نافذة القطار ـ حين تسافر في مهمة علمية عام 1946 إلى جامعة تومسك ـ رجلا يشبهه فتوقف القطار لتصاب بخيبة أخرى.
تقول التيناي في رسالتها إلى الكاتب: بالطبع استغربت رحيلي المفاجئ، كنت خجلة من نفسي، فقد أدركت أنى لا أستطيع اللقاء بديوشين، وشعرت بالذنب أيضا لاني لم اكن الشخص الذي يجب ان يحاط بكل حفاوة ممكنة، ويجلس في مكان الشرف أثناء افتتاح المدرسة الجديدة، هذا الحق يملكه معلمنا الأول دون أي شخص آخر، ولكن الذي حدث عكس هذا،جلسنا نحن حول موائد الوليمة، فيما ذلك الرجل الطيب العجوز معلمي الاول يسرع لتوزيع البريد» «و لا أحد يستحق ان تسمى المدرسة باسمه سوى ديوشين»
الصورة المصاحبة بعَدَسَتِي وهي لقصر أقام به الشّاعر الألماني الكبير غوته مدّة مُعتبرة حين كان في طريق رِحلته الشّهيرة إلى إيطاليا. يقع القصر في قرية كلينغنطال بمدينة ستراسبورغ الفرنسية - والتي كانت بدورها ألمانيّة قبل أن يحتلّها الفرنسيّون-.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق