وقفت أسترق النظر من
خلال السور الحديدي حتى مرت أمامي سيدة بزي رياضي، فهمت من فورى أنها ما أتت إلى
هذا المكان في هذه الساعة إلا لتتريض، لوحت إليها فاقتربت:
-
صباح الخير!
-
صباح الخير، مصرى!
-
أيوه ، وانتى.. مغربية!
-
نعم!
وحمدت الله أنها لم
تسألنى السؤال الذي سئمت من سماعه ( مرسي ولا سيسي) وسألتها:
-
متى تفتح الصومعة أبوابها للجمهور!
ولم يكن سؤالى إياها
عن جهل بالمواعيد، بقدر ما كان فاتحا لحديث استمر لأكثر من ساعة!
سألتنى:
-
أول مرة تيجي المغرب!
-
أيوه
وسألتها:
-
مين حسان ده؟!
صدمها سؤالى، فانعقدت
حواجبها وزاغ بصرها ثم قالت:
-
حسان..أأأأ... صومعة حسان.
-
نعم، من هو حسان، وما معنى صومعة؟!
كانت أسئلتى هذه
المرة عن جهل وتحتاج إلى جواب، لا سيما وأننى كنت أفهم تحت كلمة صومعة معنيان، ففي اللهجة المصرية تعنى كلمة صومعة مخزن القمح، وفي اللغة العربية وبالتحديد في القران
الكريم تعنى بيت الراهب قال تعالى: ( ولولا دفع الله الناس بعضهم لبعض لهدمت صوامع
وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا)
واحتارت السيدة في الجواب،
فأخذتنى من يدى وقالت تعالى، سأوريك شيئا، سرت معها حتى وصلنا إلى لافتة زجاجية
كبيرة استوقفتنى أمامها ثم قالت: اقرأ، فقرأت ما يلى:
" صومعة حسان
من المباني التاريخية المتميزة بالعاصمة المغربية الرباط والتى شيدت في عصر دولة
الموحدين. تم تأسيس جامع حسان بناء على أمر يعقوب المنصور سنة 643 هجرية
(1197-1198 ميلادية) اضافت منظمة اليونسكو للتراث العالمي هذا الموقع إلى قائمة الثقافة"
وما أن انتهيت من هذه
اللافتة حتى أخذتنى من يدى إلى لافتة أخرى ثم
أشارت إليها بقولها: واقرأ هذه أيضا، فنظرت إلى اللافتة فإذا بها كبيرة، تحمل
كثيرا من التفاصيل، وقرأت:
" لمحة تاريخية
شيد من طرف السلطان
يعقوب المنصور الموحدى، وكان يعد من أكبر المساجد في عهده. لكن هذا المشروع الطموح
توقف بعد وفاته سنة 1199، كما تعرض للاندثار بسبب الزلزال الذي ضرب الرباط سنة
1755م. وتشهد أثاره على مدى ضخامة البناية الأصلية للمسجد، حيث يصل طوله 180مترا
وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التى تعد إحدى الشقيقات الثلاث لصومعة الكتيبة
بمراكش، والخيرالدا بإشبيلية على وجود المسجد وضخامته.
ويرى مؤرخون أن
اختيار هذا المسجد الذي تتجاوز مساحتة 2550م2 بمدينة الرباط ليكون أكبر مساجد
المغرب وليدانى أكبر مساجد الشرق مساحة وفخامة، يدل على أن الموحدين كانوا يرغبون
في أن يتخذوا من الرباط مدينة كبيرة تخلف في أهميتها مدينتى فاس ومراكش، وبالرغم
من العناية التى بذلها كل من أبي يعقوب وأبي يوسف في إنشاء مدينة كبيرة بكل
مرافقها لتخلد بذلك اسم الدولة الموحدية، فإن الرباط في الواقع لم تعمر بقدر ما
كان يأمله منها أبو يوسف وخلفه. وهذا الأمر قد يكون من أهم الأسباب التى أوقفت
حركة البناء في هذا الجامع بالاضافة إلى موت أبو يوسف المنصور قبل إكمال بنائه،
كما أنه كان يستنفذ موارد الدولة مع المرافق الأخرى بالرباط.
في عهد الدولة
الموحدية نفسها وفي فترة احتضارها عمد السعيد الموحدي إلى أخشاب المسجد وأبوابه،
فصنع منها أجفانا سنة 641هـ فما لبث أن
احترقت بنهر أم ربيع، وبذلك فسح للعامة مجال النهب والسلب ليسطوا على بقية هذه
الأخشاب التى كانت من أشجار الأرز. وتوالى السطو أيام المرينيين ثم السعديين بل
حتى أيام العلويين عهد السلطان عبد الله بن اسماعيل حيث صنع القراصنة من سلا
والرباط سفينة من أخشاب الجامع المذكور وسموها بسفينة الكراكجية ثم انتزعها منهم
السلطان محمد بن عبدالله. ولم تكن أحداث الطبيعة بأرحم من الناس على هذا الأثر،
فقد كان هناك زلزال لشبونة سنة 1169 (1755م) الذي عم أثره بعض أنحاء المغرب خاصة مكناس
والرباط، سببا في سقوط عدة أعمدة وأطراف من السور والمنار، كما تهدمت عدة منازل من
الرباط ثم تلا هذا الزلزال حريق عظيم أتى على ما تبقى من أخشاب المسجد التى تحولت
رمادا، وكان للأمطار ورطوبة البحر وتقلبات الجو أثرها أيضا على هذا البناء الأثرى
حتى استحال الجانب المطل على نهر أبي رقراق ومن المنار رماديا كما يبدو ذلك حتى
الآن.
والتفت حولى فلم أر
السيدة، وأصابتنى حيرة شديدة شككتنى في قدراتى العقلية، يا إلهى، لقد كانت هنا،
وهي من أتت بي إلى هنا، لقد تحدثنا منذ قليل، إنها امرأة أربعينة أو يزيد، ترتدى
زيا رياضيا، هل أنا أنا أم أننى لست أنا؟!
يا عم أنا لو منها كنت عملتلك قضية تحرش :) مبتدورش على اللوح الاسترشادية ليه؟!
ردحذفهناك ما عندهومش تحرش!
ردحذف