والتفت حولى فلم أر
السيدة، وأصابتنى حيرة شديدة شككتنى في قدراتى العقلية، يا إلهى، لقد كانت هنا،
وهي من أتت بي إلى هنا، لقد تحدثنا منذ قليل، إنها امرأة أربعينة أو يزيد، ترتدى
زيا رياضيا، هل أنا أنا أم أننى لست أنا؟!
ولم تدم دهشتى طويلا
حتى رأيتها تخرج من بين الأشجار كثيفة الأوراق، متدلية الأغصان فلما رأتنى لوحت
بيدها وصاحت: تعالى أنا هنا. ذهبت إليها بعدما تيقنت أننى لم أكن أحلم، وأننى
مازلت بكامل قواي العقلية، وأن ما حدث لم يكن سوى أننى انشغلت بقراءة اللافتة فذهبت
هي لتتريض حتى أنتهى، قالت:
-
ها.. عرفت الآن كل شئ عن صومعة حسان؟
-
ليس بعد، فما تزال لدي أسئلة عديدة، منها لماذا تسمون المأذنة بالصومعة؟ ولماذا هي بهذا الشكل
المربع؟ ولماذا سميت هذه الصومعة بصومعة حسان، أريد أن أعرف من هو حسان هذا؟
-
هذه المنطقة تسمى منطقة حسان!
ولم تقنعنى إجابتها،
فحتى لو كانت هذه المنطقة تسمى من قبل بحسان، فإن هذا يزيد الأمرغموضا، ولا يجيب
عن السؤال، فمن يكون حسان هذا؟ [1] وتوقفت
أمامنا سيارة سوداء صناعة يابانية، نزل منها عروسان، وبقى السائق في مكانه. توجه
العروسان ليقتربا من سور الصومعة، ثم نادى العريس على السائق كي يتبعهما، نزل
السائق متكاسلا فاقترب من العريس الذي أعطاه هاتفه ليلتقط لهما صورة، في حين كان
النوم يداهم عين العروس بشده!
قالت لي السيدة بصوت
منخفض بعد أن ابتعدنا عنهم بخطوات:
-
العروس صغيرة!
-
كم عمرها؟
-
حوالى 28 سنة
-
28 سنة وصغيرة؟
-
هنا البنات يتزوجن في سن الثلاثين!
-
في مصر لو وصلت الفتاة لهذا السن من دون زواج فهي عانس!
-
تقصد بيرة!
-
آه، تقولون على المرأة العانس، بيرة؟ نحن نطلق عليها كذلك ولكن هذه الكلمة
لم تعد مستساغة!
-
في المدن تتزوج الفتاة في سن متأخرة عن القرى والبداوي، بنتى تزوجت في سن
الثلاثين!
-
لك بنت، ومتزوجة، وفي سن الثلاثين؟
-
نعم
جاءت كلماتها صادمة،
مزلزلة، فقد تخيلتها في الأربعين من عمرها
أو يزيد، ما كنت أتوقع أبدا أنها في عمر والدتي، إن للرياضة لسحر، لا بل إن لراحة
البال وكثرة الأموال لسحر! واصلت:
-
بنتى تزوجت زميلها في العمل، الدراسة الجامعية تجبر الفتاة على الانتظار!
-
سمعت أن الرجل المغربي يشترى كل شئ حتى ملابس العروس، ولذلك فلا يتزوج إلا
الأغنياء!
-
صحيح، ولكنى وزوجى ساهمنا في تجهير ابنتنا الوحيدة، وتكفلنا بمصروفات حفل
الزفاف!
-
20 ألف درهم؟
-
لا، أكثر
-
40 ألف درهم!
-
لا، أكثر بكثير!
-
مائة ألف!
-
خمسة ملايين درهم؟!
أوبااااا
[1] عدت إلى الفندق فبحثت في جوجل عن سبب تسمية
المسجد بهذا الاسم فوجدت مايلى:
1- هناك من المصادر التاريخية التي تقول أنه سمي بهدا الاسم نسبة الى المهندس الدي وضع تصميمه ويسمى
حسان الأندلسي، وهو الدي اشرف على ما بني منه.
2- يبدو أن اسم المسجد مستمدٌ من
قبيلة تسمى (بنو الحسان) التي تقيم في إقليم الرباط.