الأربعاء، فبراير 19، 2014

الاستبداد المودرن



عبد الرحمن الكواكبي كان أفضل من تكلم عن الاستبداد، وإن فيه طرق مختلفة بيستخدمها المستبدين للنيل من ضحاياهم  ذكر منها: الاستبداد بالدين، بالمال، بالجهل، بالمجد والتمجد (انظر كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد). أعتقد لو إن الكواكبي كان ما زال عايش إلى وقتنا هذا لأضاف نوعا جديدا إلى الأنواع السابقة: الاستبداد بالتجاهل ( يا راجل كبر مخك أو خليهم يتسلوا)!
الاستبداد بالتجاهل أو الاستبداد الناعم  بدأ مع عصر مبارك، وتأرجح في عصر المجلس العسكري، واستمر مع  مرسي وترعرع وازدهر بعده. الاستبداد بالتجاهل معناه باختصار: قل ما تشاء وسأفعل ما أشاء، أو بمعنى آخر: الكلاب تنبح والقافلة تسير، أو بمعنى ثالث: نحن فقط من نقرر!
أيام مبارك كان ممكن يقبل منك "الفكرة" وكان ممكن يستعين بيك لتنفيذها، بس كان بينسبها لنفسه، انت بالنسبة له نكرة، ما ينفعش تظهر معاه في الصورة، وما ينفعش تعترض. الوزير لا يستقيل، ولكن يقال، فقط في الوقت الذي نريده. والمدير ليس له الحق في اختيار من يرأسهم، والكاتب ينتظر ما يملى عليه، والقاضي يحكم بما تقتضيه عدالتنا!
أيام المجلس العسكري كان فيه تأرجح بعض الشئ، سيب وأنا اسيب، وليس بالإمكان أبدع مما كان، وتقليب الكل على الكل، وهذا نوع آخر من الاستبداد، إنك تضرب آسافين بين الفرقاء!
أيام مرسي رجع الموضوع لسابق عهده اللي كان أيام مبارك: نحن فقط من نقرر، وخليهم يتسلوا، ولما الشمس تحرقهم ها يمشوا!
بعد مرسي حدِّث ولا حرج: فنحن من نفكر، ومن نقرر، ومن له الحق المطلق في فعل كل شئ، استبداد كامل الأركان، قديم ومودرن، استبداد بالدين، بالمال، بالجهل، بالمجد وبالتمجد، بالإضافة إلى الاستبداد بالتجاهل!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق