الخميس، سبتمبر 22، 2016

عبده جمعة يكتب: ملخص كتاب إسلام بلا أسوار


في الشهر الماضي كنت في منحة دراسية في ألمانيا، وبعد أن انتهى الكورس اللغوي كان أمامي خمسة أيام متبقية من مدة إقامتي في أوروبا، ولأنني أحمل تأشيرة الإتحاد الأوروبي فقد عزمت بفضل الله على السفر إلى النمسا حيث العاصمة فيينا لألتقي بأحبابي هناك وزيارة المدينة الجميلة وجامعتها العريقة. وفي اليوم الثاني ذهبت مباشرة لزيارة مسجد الشورى بفيينا،لعلني أجد أحد أحبابي هناك سواء الدكتور عدنان ابراهيم أو الأستاذ طرفة بغجاتي جزاهما الله خير الجزاء على جهدهما في الدعوة في النمسا عامة وفيينا خاصة. وبعد أن صليت العشاء قامت إدارة المسجد بإهدائي كتابا بعنوان (إسلام بلا أسوار) والكتاب في شكل حوار بين الأستاذ طرفة بغجاتي وبين الدكتور علاء الدين آل رشي وهما من علماء النمسا وكلاهما من أصول سورية. وكنت قد وعدتُ الأستاذ طرفة بقراءة هذا الكتاب، وطلب مني أن أعطيه رأيي فيه، فأجبته على الفور: سأفعل بإذن الله.
يدور الكتاب في صورة حوار بين مفكرين من كبار المفكرين، وهذه طريقة تقريبا لأول مرة أجدها في كتاب، وإن كان الزمخشري (ت538) هـــ رحمه الله قد استخدم في تفسيره أسلوبا شبيها وهي طريقة الحوار بينه وبين شخص مجهول بطريقة فإن قلت كذا، قلنا كذا، بل وقد مارسها الدكتور مصطفى محمود (ت2009) م في كتابه الماتع حوار مع صديقي الملحد، إلا أن أغلب المحللين قالوا بأن الدكتور مصطفي محمود كان هو هذا الصديق الملحد في الكتاب، وهو من يخاطب نفسه. وحقيقة هي طريقة أحبها جدا لتفادي الملل الذي قد يعتري الإنسان حينما يقرأ كتابا أو رواية أو بحثا.
 يناقش الكتاب قضايا شائكة جدا خاصة في هذه الأيام في ظل تفشي حوادث الإرهاب في أوروبا وبعد كل حادث تُنسب للإسلام وللمسلمين. فيعالج الكتاب ظاهرة مثل ظاهرة الإسلاموفوبيا وظواهر الإرهاب وقضية قتل المرتد، وهل هي قضية دينية أم سياسية؟! وما هي ضوابط التكفير؟! وذكر الأستاذ طرفة بغجاتي أمثلة لأناس قد اعتبرتهم بلادهم مرتدين ونفذت فيهم حد الردة مثل الأستاذ محمود طه من السودان، والأستاذ فرج فودة الذي حُكم عليه بالردة من أشخاص كثيرين، بل ومن جهات رسمية كالأزهر الشريف، وقد قامت الجماعة الإسلامية باغتيال المفكر فرج فودة، وهنا يقول الأستاذ طرفة أن فودة وطه كانت آراءوهم السياسية هي التي ضيعتهم وكانت سببا في هلاكهم، وخصوصا محمود طه. ثم بعد ذلك ينتقل الكاتبان في مناقشة قضايا أخرى مثل الديموقراطية وأنها لا تتعارض مع الإسلام في شئ، واستدل برأي المفكر السوري الكبير جودت سعيد في أن الديموقراطية لا خوف منها في بلادنا، لأننا لن نخالف بها شرع الله من إباحة الزنا أو الخمور باسم الديموقراطية، فنحن شعوب مسلمة ولن نسيئ استخدام الديموقراطية، ولذا لا خوف منها.
وثمة موضوعات أخرى قد نوقشت في الكتاب مثل قضية الهجرة إلى بلاد الغرب وأوروبا وأنه لا غضاضة منها، وقد ناقشا رأي الشيخين الجليلين راتب النابلسي وأسامة الرفاعي في حرمة الهجرة إلى أوروبا. ثم دعا المؤلفان إلى توحيد الأمة بين السنة والشيعة، وأننا يجمعنا أشياء كثيرة أكثر من التي تفرقنا، فجميعنا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصلاتنا واحدة وقرآننا واحد، والإختلافات ليست بالكبيرة جدا، وإن كنا مختلفين فهذه سنة كونية وهي الخلاف بين الناس. كما ناقشا أيضا قضية تهنئة المسيحيين بعيدهم، وهل هي حرام أم أنها ربما تكون مندوبة في بعض الأوقات، وقد ناقشا الموضوع بطريقة رائعة.
وفي الختام أعجبني أيضا حديثهما عن قضية التعامل مع السنة في هذه الأيام والإشكاليات التي نجدها في أحاديث ليست متواترة أو صحيحة ولكنها تلعب دورا كبيرا في إزهاق الأرواح وبث الحقد والضغينة بين الناس وبيننا، بل وبين المسلمين بعضهم البعض.

الكتاب ماتع ومليئ بالمعرفة والفكر، وأنصح بقرائته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق