أفتقد فرايبورج كثيرا، وأكثر ما
أفتقده فيها وسائل مواصلاتها المنضبطة والآمنة. هنا أعاني كل يوم من الميكروباص معاناة
لا يتحملها بشر؛ سرعة جنونية لا يوقفها إلا زحام عارض، أو إشارة من زبون يرغب في
الركوب معنا، ساعتها يضغط السائق بشدة على الفرامل فتتوقف قلوبنا، وتشخص معها أبصارنا،
ثم تنخلع رقابنا وتنكسر ظهورنا. ناهيك عن سماع إجباري لأصوات مزعجة يصر السائقون
على إسماعها إيانا جبرا من دون اختيار!
وإذا ما تركت السائق وشأنه، والزبائن
ومشاكلهم واختليت بنفسك تنظر من نافذة الميكروباص فسترى ما لا يسرك وستستنشق ما
يضرك؛ فأشلاء كلاب وقطط، وحوادث لا عدد لها ولا حصر، وأكوام قمامة وحرائق، ورجل
يتبول على قارعة الطريق، وامرأة ترضع طفلها، وشاب يتسول، وعشرات يتزاحمون على باب
الميكروباص!
ولا شئ يزعجنى أكثر من رؤية أولئك
النسوة وهن يتزاحمن ليركبن؛ فلا رحمة ولا شفقة، وودت لو أنزل لهن فيركبن، وفعلتها
ذات مرة، فما ركبن وما ركبت!