تنويه 1:- إذا كنت ممن لا يملكون شجاعة الاعتراف بالخطأ
والاعتذار عنه فلا داعي أن تقرأ هذا المقال.
تنويه 2:- القصص التى وردت في هذا المقال حقيقة وهي نقطة
من بحر!
إما قاتل وإما مقتول!
هل تعرف من المتسبب الحقيقي في ارتفاع
الأسعار؟ أو بمعنى آخر، هل تعرف ما الذي يؤدي إلى هذه الزيادة المطردة والاتفاع
الجنوني لأجرة الميكروباصات، والمينى باصات، وأحيانا الأتوبيسات، ثم التاكسي؟ أو
بمعنى ثالث، هل تعرف ما أعرفه؟!
إياك أن تقول لي مثل ما يقوله التليفزيون
الحكومي، والصحف والمجلات الحكومية، والحكومة نفسها، أو تلك التى تسمى نفسها بالمعارضة،
أو تلك التى تسمي نفسها بالمستقلة: أن الموضوع عرض وطلب، وأنه مجرد إيجاب وقبول،
وأنه لا يخلو من هات وخد، وسيب وأنا سيب؟ لا يا عزيزي الموضوع ليس كما يقوله أولئك
السذج من الناس. الموضوع يكمن في البلطجة، هكذا تراني دخلت في الموضوع مباشرة، وهكذا
أراك تتساءل وما دخل البلطجة في هذه الأمور؟! وأراني أتعجب من سؤالك ولكني سأجيبك
عليه للتضح الرؤية وتنكشف الغيوم، ورجائي منك أن تصبر علىّ فيما سأسرده عليك، فأنا
مازالت ثقافة اللف والدوران تلفني وتدور بي! وأملى فيك أن تفكر معى في حل لما
نعيشه ولا تكتفي بقراءة ما يكتبه هذا وذاك، مقلبا كفيك على ما تقرأه، أو ممصمصا
شفتيك على ما تسمعه. أملى فيك أن تكون
إيجابي!
أظنك تعرف الطريق الدائرى الذي يدور بالناس
حول القاهرة وعشوائياتها، وأظنك تعرف المحور الذي تتحور الناس فيه دخولا وخروجا،
وأظنك تعرف مطالع الكبارى ومنازلها، إن لم يكن في القاهرة، ففي أي محافظة من
المحافظات القريبة منك، أو التى تمر عليها. أظنك ببساطة تركب مثلى وسائل النقل
الغير آدمية من ميكروتوكتوك وميني توكتوك إلى الميكروباص والمينى باص وأي باص وكل
باص، ألم تلاحظ بلطجي؟ نعم بلطجي! لا يا صديقى ليس البلطجى هو من يذهب ليفض
المظاهرات، ويتحرش بالاعتصامات، ويندس وسط الاحتجاجات، لا يا صديقي هذا يسمونه بالطرف
الثالث. أما البلطجي الذي أعنيه، هو ذلك الرجل الذي يأخذ من كل ميكروباص يمر من
أمام المواقف، أو مطالع الكباري ومنازلها، أو على الطريق الدائرى أو المحور،
أموالا من دون حق تدخل جيبه وجيوب إخوانه من البلطجية، ويقتسمونها مع رجال المباحث
وشرطة المرور، والتي يسمونها مجازا بالكارته!
البلطجي هو ذلك الرجل الذي يفرض إتاوات على
شركات المقاولات التى تبني بيوتا في الصحراء، وعلى أصحاب المزارع الكبيرة على أطراف المدن والمحافظات، وعلى صغار التجار
والمزارعين بدعوى حراستهم من السرقة، وإذا رفض واحد مما سلف ذكره أن يدفع لهم ما
يطلبون، فلك أن تسترجع من الذاكرة تلك الأفلام الأجنيبة المسماة مجازا بأفلام
الخيال العلمي، لتستنتج ماذا يمكن أن يفعلوه به و فيه!
البلطجي هو الذي يرفع عليك الأسعار بطريق غير
مباشر، فهو يفرض على سيارات النقل الكبيرة التى تنقل البضائع، ومنتجات المصانع،
والبنزين والجاز والغاز إلخ... إتاوات في شكل كارته، أو على شكل مشي حالك، وكبر
دماغك، وشيّلنى وأشيّلك، وعدي أحسن أنا ماشي على قدي.
البلطجي هو الذي انتهز فرصة غياب الأمن وغياب
الرقابة، وعموم الفوضى التى تعيشها البلاد، فقام بالبناء على الأراضي الزراعية ليحرم
الشعب من محاصيل كانت تنتجها أجود أنواع أراضينا، ثم كان سببا في ارتفاع مواد
البناء وكساد سوق العقارات!
والبلطجي هو أنا وأنت، نعم أنا وأنت ، فنحن
نعرف كل ذلك ونسكت عنه، ونعرف أن هناك من يستغلون الناس ونسكت عنهم، ونعرف الخطأ
ونرتكبه.
البلطجي هو من يساوم الشرطة ويتقاسم معها!
والآن أراك وقد سئمتنى وسئمت مما أكتبه لك،
وأراك تسأل وما دخل اسم الموضوع الذي عنونت به المقالة " إما قاتل وإما مقتول"
وعلاقته بما أحكيه عن البلطيجة؟!
معذرة يا عزيزي وشكرا لك أن أوقفت لفي
ودوراني لأحكي لك ما قاله لي عبده صاحب ميكروباص: عبده البالغ من العمر 34 عاما،
متزوج وله بنتان، يعمل سائقا على ميكروباص من نوع تويوتا موديل 93، ويحكي لى قصته
مع البلطجية فيقول: كانت البلطجة قبل الثورة منظمة وقد أخذت الطابع الرسمى،
فالبلطجي كان هو أمين الشرطة الذي يُحصِّل منى كل يوم علبة سجائر، وكارت تليفون من
فئة العشرين جنيه، مع ساندوتشين كبدة معهم جرنال الأخبار أو الأهرام أو
الجمهورية لزوم حبكة الفطار. في حين أني
أبدا ما كانت لي الكبدة إفطارا، ولا الأهرام وأخواتها جرنالا، ولا حتى السجائر
دخانا. ولكن حتى أمر من أمامه بسلام؛ فعليّ أن أدفع من دون كلام! والحق يقال أني
ما شاركت في الثورة، ولا في أي مظاهرات، ولكني فرحت بها، وأحسست بأن الله أخذ لي
حقي، وأني قد أصبحت حرا، وأخذت أستمتع بحريتى، وأبطئ من سرعتي عندما أمر من المكان
الذي يقف فيه أمين الشرطة، ملقيا عليه نظرات الاشمئزاز والشماتة. ولكن على رأي
المثل الشعبي القائل " جت الحزينة تفرح ما لقيتلهاش مترح" فلم تكد تمر
علينا أشهرا تعد على أصابع اليد الواحدة حتى اختفى أمين الشرطة من المشهد، ووقف
مكانه البلطجية الذين يجمعون من كل سيارة أجرة أموالا بدعوى أنها كارتة المرور،
ومن لم يدفع يهجم عليه البلطجية فيكسرون زجاج السيارة أو يضربون السائق، حتى شبت
بيني وبينهم ذات مرة خناقة فتكالب علىّ البلطجية فضربوني وحطموا زجاج السيارة وعدت
إلى البيت مقسما بأني سأعود إليهم يوما إما قاتلا وإما مقتولا!
وهذا عم إبراهيم يحكي قصته مع البلطجية
فيقول، حصلت على قطعة أرض من الدولة ضمن مشروع ابني بيتك، وفرحت بها كثيرا، ثم بعت
أشياءا غالية علىّ وعلى زوجتى حتى نستطيع أن نكمل البناء، لا سيما وأن الحكومة
تركتنا للمقاولين والحرفيين فمنهم من نصب علينا ومنهم من خدعنا ومنهم من استغلنا،
ثم فوجئت بقدوم مجموعة من الشباب وقد بدا عليهم التشرد والضياع، فطلبوا مني أن
أعطيهم أموالا نظير حمايتهم لبيتى من السرقة، ولما أبيت أن أدفع لهم ما طلبوه،
قالوا إذا فلتحمه أنت بنفسك، وسرقوه، حتى حديد السور وأبواب البيت سرقت، ولما
أبلغت الشرطة وكان ذلك قبل الثورة قالوا لي إن هؤلاء لا يمكننا السيطرة عليهم،
وتركوني لهم إما قاتلا وإما مقتولا!
أما الباشمهندس محمود فيحكي لي حكايته مع
البلطجة فيقول: كنت أقود سيارتى على الطريق الدائرى، ولم يكن الوقت متأخرا فلم
تتجاوز الساعة العاشرة مساءا، حتى استوقفتنى سيارة نقل كبيرة نزل منها مجموعة من
الرجال المدججون بالسلاح وأخرجوني من السيارة ثم أخذوها وتركوني، وبعد عدة أيام
وجدت اتصالا من أحدهم وبدأ يساومني على السيارة مقابل دفع مبلغ كبير من المال
يعادل نصف سعرها، واشترطوا عدم إبلاغ البوليس وأن يكون اللقاء بمفردي، ووافقت
ولكنى لم انصاع لشرطهم فأبلغت البوليس الذي قال لي: لن نستطيع أن نفعل لك شيئا،
ادفع لهم ما يريدون!! وذهبت إليهم ولسان حالي يقول : إما قاتلا وإما مقتولا!
كانت هذه ثلاث قصص من مئات بل من آلاف، حدثت
وتحدث من هؤلاء البلطجية، ولكن هل سنقف مكتوفي الأيدي ونتركهم يعيثون في الأرض
فسادا من دون رابط أو رادع؟ ما الحل إذن؟
عندي ثلاثة حلول والرابع سأتركه لك لتعقب به
على ما قرأته، ورجائي منك كما سبق هو أن
تكون إيجابيا!
الحل الأول، والثاني، والثالث هو: تطبيق
القانون بكل حزم وبدون تباطؤ؛ فالعدالة البطيئة ظلم كبير!
والله المستعان
محمد شحاتة
16 يناير 2013
مقالك يلمس الواقع ولكن كنت ارجو انه في اخر المقال ان تذكر تعريف البلطجة
ردحذفحتى تكون شهادة للتاريخ وحتى لا يتيه معناها فتكون ككلمة زنديق اختلف العلماء في معناها ومن هم اما انت فتعيش فربما تكون الوحيد الذي يكتب ما هي البلطجة كان تقول مثلا هي اخذ اموال الناس بدون وجه حق على سبيل القوة مثلا