الثلاثاء، يناير 22، 2013

الربيع العربي في برلين 103




وأمام باب المبنى القديم ذو اللون الأحمر الباهت استقبلنا السيد "رونالد يان" فرحب بنا ثم قال: اسمحوا لي أن أسطحبكم في هذه الجولة الصغيرة لأعود بكم قليلا حيث الذكريات الأليمة التى عاشها مواطنو ألمانيا الشرقية! ثم قال: تعلمون جميعا أن ألمانيا الشرقية كانت إحدى دول الكتلة الشرقية تحت السيطرة السياسية والعسكرية للاتحاد السوفيتي عن طريق قوات الاحتلال وحلف وارسو. وأحسست أن السيد "يان" أخذ يردد معلومات حفظها من قبل وقام بترديدها على غيرنا مئات المرات، حيث واصل بقوله " في حين كانت تدعى ألمانيا الشرقية دوما أنها دولة ديمقراطية، وكانت هذه الادعاءات كلها محض كذب ومحض وافتراء؛ فالسلطة السياسية كانت تدار من قبل قياديين في المكتب السياسي لحزب الوحدة الاشتراكي الألماني، ولضمان الحفاظ على استمرارية هذه السياسة فقد أنشأوا لذلك جهازا سموه بـ "اشتازي" وهو جهاز سري هائل الحجم، سيطر على كل جوانب الحياة في المجتمع الالماني حينذاك، في مقابل توفير الاحتياجات الأساسية للسكان وبأسعار منخفضة من قبل الدولة! وقد وُصف هذا الجهاز بأنه من أقوى أجهزة المخابرات في العالم التى ارتبط اسمها بالقمع والتنكيل، وعلى مدى عمره الذي امتد إلى تسع وثلاثين عاما، أدار هذا الجهاز رجالا نزعت من قلوبهم الرحمة ومن أفئدتهم الشفقة، فقاموا ببناء السجون التي بلغ عددها سبعة عشر سجنا، اعتقل فيها المئات، ومورس فيها أشكالا متنوعة وأساليبا مختلفة من التعذيب والتنكيل

وهنا قاطعه أحدنا ليسأل:  كم عدد الذين عملوا في هذا الجهاز حتى يكون بهذا الحجم؟
وأجاب الرجل بقوله: " لقد عمل في جهاز اشتازي حوالي خمسة وتسعين ألف شخص، بصفة رسمية، وهناك حوالي175 ألف متعاون، أي أنه كان لكل مائتي شخص مراقب!
وواصل الرجل شرحه بقوله: وعند انهيار جدار برلين في نوفمبر89 أدرك العاملون في شتازي أن نهايتهم قد اقتربت، لذا بدأو في إتلاف الأرشيف وفرم محتوياته. وفي منصف شهر يناير من العام الذي تلاه قام المئات من الشباب الألماني باقتحام  المقر الرئيسى لجهازشتازي، وأغلقوا كل الغرف والخزانات ودواليب الملفات المختلفة بالورق والشمع الأحمر في عمل منظم استغرق منهم وقتا طويلا، ثم عمدوا بعد ذلك إلى تحويل المبنى إلى متحف للزائرين يشاهدون فيه مجانا تاريخ الشرطة السرية والنظام الشرقي. وبعد أن كان ذلك المبنى الذي كان يحتله البوليس السري مشبوها ومخيفا أضحى اليوم المتحف شاهدا حيا على تلك الحقبة. وعلى الرغم من مرور أكثر من عشرين عاما على سقوط ألمانيا الشرقية، وحل جهاز مخابراتها السرى، فمازال هناك اهتماما كبيرا من جانب الألمان وغيرهم لمعرفة الأسرار والخفايا التى مازال البحث عنها جاريا حتى الآن، وقد زار هذا المبنى وأرشيفه الذي سوف نطلعكم عليه بعد قليل أكثر من مائة ألف شخص حتى الآن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق